المشهد الانتخابيّ الإسرائيليّ على وقع صواريخ الجهاد الإسلاميّ.
لسانكم :
حسن لافي.
أراد وزير الحرب الصّهيونيّ، نفتالي بينت، أن يتحوّل مشهد الجرافة الصهيونية التي تسحل جثمان الشهيد محمد الناعم إلى قيمة مضافة في حسابه ضمن بازار الانتخابات الإسرائيلية، التي تجرى للمرة الثالثة خلال أقل من عام في “إسرائيل”، من خلال سعيه لتسويق هذا المشهد المفجع للشّعور الإنساني، باعتباره السياسي الوحيد في “إسرائيل” الَّذي يمتلك استراتيجية لحل معضلة عودة الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة من دون إبرام صفقة تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية، لكن من خلال احتجاز جثامين شهداء المقاومة، مستغلاً احتجاج عائلة الجندي الأسير لدى المقاومة، هدار جولدن، على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الساعي إلى إبرام تهدئة مع حركة حماس، الأمر الَّذي فضحه منافسه أفيغدور ليبرمان، عندما كشف عن زيارة رئيس الموساد ومسؤول المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال لقطر.
أتت صواريخ الجهاد الإسلامي بما لا تشتهي سفن نفتالي بينت، الَّذي كان يطلق التّهديد تلو التهديد تجاه المقاومة في غزة، وخصوصاً قيادة حركة الجهاد الإسلامي.
ولم تفاجئ سرعة ردّ الجهاد الإسلامي على التنكيل بالشهيد الناعم بينت وحده، فقد أظهرته بمظهر وزير الحرب الأقل خبرة، الذي يعرض حياة جنوده للخطر من أجل مكاسبه الانتخابية، كما أحرجت أيضاً تقديرات المؤسَّسة العسكريّة الإسرائيليّة الّتي قدّمت للمجتمع الصّهيونيّ، بعد عملية اغتيال القائد العسكري في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، أنَّ قادة الجهاد الإسلامي في حالة ردع وخوف تمنعهم من الإقدام على أيّ تصعيد عسكري، ولكنَّ إطلاق الجهاد الإسلامي صواريخ قبل أن تغرب الشمس عن يوم استشهاد الناعم، أثبت بالدليل القاطع أن تلك التقديرات أقرب إلى الأوهام منها إلى الواقع.
منحت استطلاعات الرأي الإسرائيلية نتنياهو التفوّق على خصمه بني غانتس، رئيس حزب “أبيض أزرق”، لأول مرة منذ انطلاق ماراثون الانتخابات الإسرائيلية في شهر نيسان/أبريل الماضي.
وفي الوقت الذي شعر نتنياهو بأنّه استطاع الخروج من عنق زجاجة التّأثير السّلبي لإعلان موعد محاكمته في السابع عشر من آذار/مارس المقبل، اصطدم بصواريخ الجهاد الإسلاميّ، وهو الشيء الوحيد الذي لم يكن يتمنى حدوثه قبل أسبوع من موعد الانتخابات المقبلة.
لذا، كان من الطّبيعي أن يبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهه، في ضوء تهديداته المتكرّرة للمقاومة في غزة، الأمر الَّذي يضرّ بصورته كرجل الأمن الأوّل في “إسرائيل”، كما يسوّق لنفسه، فذهب باتجاه استبدال ساحة المعركة، من خلال استهداف مواقع لحركة الجهاد الإسلامي في دمشق، معتقداً أنه يقدّم بذلك شيئاً جديداً للناخب الإسرائيلي ليس معتاداً عليه في قواعد الاشتباك مع المقاومة في غزة.
وفي الوقت ذاته، لا ينقل هذا الردّ التصعيد إلى معركة مفتوحة، لكنّ استمرار حركة الجهاد بإطلاق الصواريخ وربطها بمواقيت الصلاة، يأتي تأكيداً لقاعدة أرساها أمينها العام الأستاذ زياد النخالة، من خلال ربط المقاومة بالصَّلاة في فكر الجهاد الإسلاميّ.
لم تكتفِ صواريخ الجهاد الإسلاميّ بأخذ زمام المبادرة في الإعلان عن بدء المعركة، الأمر الَّذي يتعارض مع كلّ الخطط العسكريّة الإسرائيليّة السّاعية دوماً إلى أن تكون الضّربة الأولى من نصيبها، ولكن الحنكة السياسية للجهاد الإسلامي تجلَّت في الإعلان عن انتهاء الجولة، عبر حساب ناطقها العسكري على موقع تويتر، لتحرم نتنياهو من أيِّ صورة نصر يستطيع أن يسوّقها أمام الناخب الصّهيونيّ، تاركةً له تكرار أسطوانة عنترياته المشروخة ضد المقاومة في غزة مرة أخرى، في مواجهة خصومه السّياسيين الَّذين يتَّهمونه بالعجز أمام صواريخ الجهاد الإسلاميّ.