حياتك المهنية بعد ولادة عالم ما بعد كورونا …” مثير “
لسانكم :
بقلم سعيد عيسى المعزوزي،
كجزء من المعركة ضد COVID-19 ، تحث الدولة المغربية ” بعض الموظفين على العمل عن بعد كلما وحيثما أمكن “.
و على الرغم من أننا قد نجد الراحة في التفكير في أن التغيير بين العمل المكتبي والعمل عن بُعد هو في الغالب مشكلة في تكنولوجيا المعلومات بالمغرب، كما أن سؤال المرحلة يفرض نفسه…! كم يكفينا من الوقت لإنجاز بحث إداري حول العمل عن بُعد ، حيث يخبرنا الواقع المقبل أن التحديات الحقيقية قد بدأت لتوها ؟
و يمر آلاف المواطنين في المغرب بمرحلة انتقالية صعبة لإعادة تعريف طريقة عملهم الجديدة، كما أن الطريقة التي من المفروض التعامل بها مع هذه التحديات قد تكون لها نتائج عميقة على إنتاجية ورفاهية العامل أو تدمير مساره نهائيا.
و من الروتيني أن يتشارك العاملون في مكاتبهم كمية كبيرة من المعلومات الشخصية – حيث يتوقفون عند مكاتب بعضهم البعض للحصول على المشورة أو توضيح التوقعات أو شرب القهوة الصباحية أو إجتماعهم عند ناصية ” الإفطار الصباحي السريع “. حيث يُظهر السلوك الكلاسيكي أن المناقشات غير الرسمية تساعد الموظفين على فهم ما يحدث في محيطهم المهني والحفاظ على الرابط المهني أكثر.
لكن هذه الفئة من المجتمع ستكون في أشد حاجة لتقبل التحول إلى العمل عن بُعد و صياغة معايير اتصال جديدة تناسب سياقها الجديد، حيث لا يجب أن تخاف هذه الفئة من الإفراط في التواصل المعزول في البداية ، حتى إذا شعرت أنه من الخطأ القيام بذلك لكنه أمر قامت عليه إمبراطوريات صناعية قبل الجائحة و هنا نأخد أمزون و إباي و باي بال و بيونير إلخ .
و سؤال آخر يفرض نفسه، هل ستتقبل ذهنية الموظف المغربي ، الاتصال بزميل عمل عبر الهاتف عدة مرات متتالية في سياق العمل من خلال العمل عن بعد ، حيث قد يكون من غير المقبول القيام بذلك سابقا حيث كان الكل يمجتمع بين نفس الجدران ؟
– تدبير النزاعات بين الحياة العملية و الحياة الخاصة .
يتم استخدام العاملين في مكاتب للحفاظ على عملهم من جهة و لفصلهم عن حياتهم الخاصة نسبيا في المكان والزمان (بمعنى أنهم يعملون في المكاتب أثناء ساعات العمل ، لكنهم يعيشون حياة مختلفة و بشكل خاص في المنازل بقية الوقت ) ، و هذا يساعدهم على الحد من خلط النزاعات و حملها في سلة واحدة . لكن تحولنا المفاجئ إلى العمل عن بعد سيمحو هذه الحدود ، مما قد يطمس مسؤولياتنا ، بل قد يؤدي العمل عن بعد تحت رحمة المشاكل الأسرية أو الضغوطات الخاصة إلى التوقف أو التأخر و قد تنفذ المهام بعيدا عن الإبداع أو الإتقان .
و لهذا فإن تجربة العمل عن بعد التي عاشها المغاربة لأزيد من شهرين ، دفعت بنا إلى إعادة تعريف العلاقة بين عملنا وحياتنا الشخصية.
و من أجل الحد من خلط النزاعات والانقطاعات ، يجب على العاملون عن بعد التفاوض مع مدرائهم على جدول زمني يوازن بين كلا المسؤوليات – على سبيل المثال ، عن كيفية تدبير التناوب بين مسؤوليات العمل والأسرة طوال اليوم.
و علاوة على ذلك ، فإن تجربة العمل عن بعد، يجب أن تبنى بإمتناع العامل عن العمل في الأماكن التي يستخدمونها عادة للاسترخاء ، مثل السرير أو الأريكة ، بقدر ما قد يكون مغريًا لأنه أمر له نتائج غير جيدة .
إعادة التفكير في معنى الإشراف…
عندما لا نتمكن من رؤية عمل موظف ، قد نشك في أنهم لا يثقلون أوزانهم فوق كراسيهم. على الرغم من أن بعض الوظائف تنطوي على مخرجات عمل قابلة للقياس ، لهذا قد يواجه المدراء التحدي الكبير المتمثل في إعادة تعريف ما يعنيه الإشراف على الموظفين في سياق العمل عن بعد.
كما أنه و من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المدراء، هو تدبير الوظيفة من زاوية التعويضات تدبيرا سيئ للغاية، لأن غياب المراقبة المباشرة من خلال المراقبة الدقيقة لكيفية قيام الموظفين البعيدين بعملهم يجعل تنفيد المهام في مهب العبث و هو أمر جربته شخصيا مع من أشغلهم.
استراتيجية الرقابة عن بعد بالمغرب محكوم عليها بالفشل، لأن المدراء لن يعرفوا كل ما يدور في حياة الموظفين البعيدين. على سبيل المثال ، قد يقرر الموظف العمل في عطلة نهاية الأسبوع للتعويض عن الأيام القادمة بشكل استباقي.
لهذا فإن التجربة الأوروبية ما قبل الجائحة ، مكنت ولوج الموظفين إلى أجهزتهم المهنية عبر بطائق ذكية توثق كل شيء بما في ذلك مواقيت بداية العمل و إنتهائها و ما أنجز و ما عُلق بما في ذلك مسارات الإبحار و العمل في الحاسوب و هلم جرا .
كما أنه بدلاً من التركيز على كيفية عمل الموظفين ، قد يتوجب على المشرفين أن يشرحوا لهم سبب أهمية عملهم عن بعد، إذن هنا يمكن القول أن المغرب سيضطر إلى فتح أوراش تكونية رقمية كبرى، خاصة إذا تغير السياق من سياق إداري إلى سياق عملي ممزوج بالأسري .
ختاما ،
و من وجهة نظري و تأملي في المشهد العام لسير الوظيفة العامة و الخاصة بالمغرب تحت وطئة الجائحة ، وجدت أن الأشخاص الذين يركزون أكثر على سبب عملهم هم أكثر عرضة لاستكشاف إمكانيات إبداعية جديدة في عملهم من أولئك الأشخاص الذين يركزون أكثر على كيفية عملهم.
و باختصار ، يعد التحول من العمل المكتبي التقليدي إلى العمل عن بُعد تغييرًا أساسيًا في كيفية عمل الفرق الإدارية المغربية في القطاع العام و الخاص.
و قد تستغرق التحديات المذكورة في مقالي هذا وقتًا لفهما و التفكير فيها قبل الولوج إلى معالجتها ، ويتوقع المغاربة توجه المغرب إلى رقمنة الإدارة و تحويل تعامل المواطن مع تفاعلات الحواسب الذكية و سرعة استجابتها بدلا من العقلية المتحجرة و بطئ فهمها.
لهذا ، قد نكون مضطرين أكثر لمزيد من التسامح مع بعضنا البعض خلال فترة التجربة الحياتية الجديدة، لكي نركز على وضع معايير عمل فعالة لحياتنا الطبيعية الجديدة و هنا قبل أن أختم أود التركيز على تعبير ” حياتنا الطلبيعية الجديدة “.