مقالات

منطقة عبدة ، ومدينة آسفي في زمن كورونا: من القائد عيسى بن عمر، إلى القائدة حورية

لسانكم :

لغو : عبد المجيد فنيش

أصبحت القائدة حورية أيقونة لنساء ورجال السلطة المحلية في مدينة آسفي ، بفضل أسلوبها في السهر ميدانيا على تطبيق التدابير الاحترازية التي قررتها الدولة ضمن مقاربات الحد من تفشي الكوفيد 19.
لقد تفاعل الرأي العام بكل إيجابية مع الوقفات (الرجولية) لهاته السيدة، حتى ذهب البعض إلى إنتاج و ترويج أغاني تشيد بها.
و تسليط الأضواء بكثافة على حورية، لم يحجب في نفس الآن، كاريزمات متفردة لنساء و رجال آخرين، من مختلف مهام ومهن الواجهة المتقدمة في الميدان الموبوء.
فلنا كم هائل من اللحظات التي توثق لمشاهد بطولية على خط التماس القاتل، في نكران للذات بشكل أسطوري، سواء داخل المدن ، أو في الطرق الرابطة بينها، على مدار ساعات اليوم ، أو ….
ويبقى صمود وتضحية العاملين في مهن التطبيب داخل المستشفيات ، في أجنحة الكوفيد، العملة الصعبة الأولى، وهي التي لن تسكها دار سكة، ولن تستوعبها بورصات العالم أجمع.

وبعودتنا الآن إلى حيث كان المنطلق، في هذا اللغو، أي القائدة حورية (ومن خلالها إلى كل من هم في فم المدفع) فإن العودة ستأخذنا بعيدا و بالضبط إلى نهاية القرن التاسع عشر، و بداية العشرين، و في عبدة، و أساسًا آسفي، لنحط الرحال عند نموذج رجل سلطة مناقض جملة وتفصيلا لحورية.
إنه القائد عيسى بن عمر العبدي، هذا الرجل الذي سجله التاريخ ضمن لائحة أبشع القياد والباشوات، الذين قهروا العباد و سرقوا ثروات البلاد ، في أحلك أيام المغرب سياسيا و اجتماعيا واقتصاديا، حيث تحالفت الفتن مع الكوارث الطبيعية و الجوائح.

وبعد قرن من الزمن, و في نفس الأماكن التي كان فيها عيسى بن عمر، ينشر الموت، وهو يصول ويجول ببطشه الفنتازي، ها هي آسفي- التي يلعن ترابها ذاك القائد- ، تخرج مصففة رافعة شارات النصر، في تحية رمزية للسيدة القائدة حورية .

نعم إن الأمر يتعلق بزمانين متباعدين، وبشخصيتين لكل واحدة منهما سياقها الخاص، وأن لا قياس مع وجود الفارق. نعم و لا جدال في هذا، لكن ألا يحق لنا أن نأخذ العبرة مما حصل؟
والذي حصل هو أن جمال لحظة اليوم مع حورية، أحيا فينا مزيدا من النقمة على أيام عيسى.
في زمن عيسى لم تكن من وسيلة لتوثيق سلوكه سمعيا أو بصريا، وقد روى المؤرخون عن أيامه التفاصيل في آلاف الأوراق، -التي قد يلخصها في زمننا هذا، فيديو مدته 3 دقائق -.

لكن ستبقى أزجال شيخة العيطة المبدعة خربوشة ، شاهدة على توثيق فني شعبي لزمن هذا القائد، الذي نگل بالأشاوس من الرجال وأخرس ألسنتهم، لكن عجز أمام صوت امرأة تردد عيطتها ، فتردد سهول و هضاب عبدة صداها، وكلما سمعها منذ ذاك الزمن إنس، إلا وقال: ألا سحقا لعيسى، و رحمة الله على خربوشة.

أما اليوم ههههههههههه، نعم الأخبار توثق و تروج في حين نوازلها، أي بدل خربوشة هناك هههههههههه

أيها الناس الذين قد تغويهم غواية، وتعميهم أنانية، خذوا حذركم ، و كونوا مثل * حورية* فإن الأزمنة الآتية لن ترحم من سعى ليكون مثل عيسى ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى