وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ : “صاحب الجلالة ينتصر للإنسانية و المبادرات التاريخية ” .
لسانكم :
س ع المعزوزي،
” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “.
بعيدا عن أسلوب النخبة في كتابة النصوص الموجهة ، نبدأ بهذا التساؤل : هل يمكننا القول أن العفو و التسامح هو الشكل النهائي الذي نعبر به عن الحب !
جوابا بطريقة النخبة ، فإن من أهم دلالات هذا العفو الملكي ، جاء ليلقن كل الفرقاء في هذا الوطن الحبيب أن الإعتقال و المتابعة يفتقد إلى قانونية وعدم دستورية الاعتقال وأنه ضرب في صميم الحريات الفردية و المكتسبات التي يسعى إلى ترسيخها المغرب الجديد .
كما أن ملف هاجر الريسوني كان دافعا إلى فتح أكبر نقاش مجتمعي تجاوز الحدود الوطنية ، بل وحَد مختلف التيارات والمشارب الايديولوجية التي إتفقت على تشكيل جبهة للدفاع عن الحقوق والحريات الفردية و هي سابقة لم يشهدها المغرب .
و قد أكد توافق بعض المحسوبين على تيارات دينية و مدنية مختلفة في الفكر و التوجه ، على تقديم صورة داخل إطار الدفاع عن الحرية الفردية بالمغرب ، لكن هذه المرة كانت في صيغة إقرار مجتمعي يطالب بضرورة تدخل يد فوق يد الجميع ، يد أنقاها و أسماها قربا إلى البعد الإنساني الرحيم و هو ما قام به صاحب الجلالة دون تأخير .
و بلغة العطف ، نقول نعم لقد دمع الفؤاد فرحا حينما سمعنا خبر عفو شامل بلا شرط و لا قيد من ملك إنسان في حق أخيه الإنسان، نعم و يأبى صاحب الجلالة ككل مرة إلا أن يضرب لنا مثلا في إنسانيته و حبه لشبيبة وطنه بعفوه عمن أخطئ في حق نفسه أو غيره.
كل هذه المقدمة التي تحمد سلوك ملك المبادرات ، لن أستعمل بعدها لغة المصالح و لكن حديثا سيحملني إلى تذكير القارئ بأن العفو منطق الأقوياء القادرين …
كما أن الزميلة هاجر الريسوني كانت محط اهتمام و اتهام من الجميع ، حيث مس اعتقالها سمعة الأمن، علما أن الأخير دافع عن موقفه و أثبت أنه بريئ من ضروف و توقيت الإعتقال كبراءة المغرب من تهم أعداءه .
و قد حاولنا أكثر من مرة تنبيه زملائنا الصحفيين ، بعدم التمادي في توجيه الإتهام إلى أي جهاز أمني، حيث قام البعض بربط ظروف اعتقال الآنسة هاجر الريسوني بقضية بوعشرين و هلم جرا، و أن الدلو راه جانا مثقوب قبل ما يشريه الساقي و للفاهم يفهم .
إن المبادرة التي قام بها صاحب الجلالة ، أنضر إليها نسفُُ لكل المبالغت الصحفية التي نشرت وسخ الدار فوق أسطح أعداء الوطن، الباحثين عن أي خبر يمس كرامة المرأة المغربية النقية بفطرتها ، ” رعية ملك إنسان ” …
فمبادرة الملك بإصدار عفو مفاجئ أكدت مرة أخرى عمق اطلاعه و تواصله معك أيها المتلقي لهذا النص ، قريب منك ، حامل لهمومك ، فقط حينما تنتهك حق الآخر أو يُنتهك حقك ، فلا تركن إلى بيع الوطن و ما احتضن ، كما أن الآنسة هاجر الريسوني فعلا أبانت عن ثباتها في محنتها ، في وقت حاولت منابر و مواقع التنكيل بها لغرض الله يحسن عون ماليها ، حيث كان إنجاز في ضرب الحريات الفردية عبر التشهير الآمن…
تسمية ” ملك المبادرات ” أو ” صانع المبادرات التاريخية ” هي تاج للعفو و الرحمة المشهودة لصاحب الجلالة مند عقدين من حكمه ، أمر أكده الواقع رغم خطورة الوقائع، زد على هذا أنه يرسخ معاني العفو والرحمة الأبوية، وحسن الظن برعيته .
و سيتساؤل بعضنا عن أسباب و ضرفية هذا العفو المفاجئ ، و لكن إن تمعنى في كل محطات العفو الملكي التي سبقت هذه الأخيرة ، سنجد أن شمولية العفو هي عبارة عن خطاب موجه إلى أفئدة المغاربة، أن مايقوم به صاحب الجلالة هو عملية إنعاش لسلوك المجتمع بمنطق العفو و الرحمة .
و قد جاء العفو يريد القول : إن كنا نريد قلب مجتمع يتسع للجميع، فإن العفو والحرية ومنطق الحوار ، أساس نجاح أمة .