الـ DGST أعرف بالصحافة من الصحافة و تصريح مسؤول الانتربول تحصيل حاصل

لسانكم : سعيد عيسى المعزوزي

مع بدء ظهورها قبل نحو سبع سنوات، كان جلياً أنّ سيطرة “الصحافة الإلكترونية” على سوق الإعلام في بالمغرب هو محاولة لاحتكار المهنة قبل المعلومة، حيث يعمل فيها بضعة آلاف من الأشخاص، لكنها تؤثر في أفكار وتوجهات وقيم وعادات عشرات الملايين من المغاربة.

و قد حذر كثيرون من أنّ ممارسات احتكار الإعلام بما في ذلك المعلومة هي الخطوة الأولى لتشتيت الوعي و الفهم في السوق الإعلامي، وانحدار صناعة المادة التي تعد الأكثر تداولا في المغرب .

لكن أغلب المقاولات الصحفية، ومن ورائها الهيآت الرقابية المتعددة و المختلفة قد كانت على وعي مسبق بأن المغرب في أشد حاجة لإطلاق ما يمكن إطلاقه ليكون له تأثير على المستوى الإقليمي أكثر مما هو دولي، فسارت في ذات الطريق بنفس النهج، وتعاملت مع مختلف التحذيرات باعتبارها “محاولة لتعطيل سعي معين للهيمنة على السوق من قبل منافسين، أو مكايدات يرددها بعض مثيري البلبلة، أو كارهي الوطن”.

مع الوقت، بدأت شركات تتأسس بدمج رؤوس أموال نقية و أخريات ملوثة و بروز شخصيات غير مشهود لها بالإنتماء للجسم المهني، ومن المثير للسخرية أنّ هذا “اللهف” تم على طريقة ” هاك و خليني مور الستار “، وهو أمر كشف عن كثير من الخلل في طريقة تفكير من يملكون قرار التحرير و قرار الترويج ثم قرار التمويل.

في الوقت ذاته ، كشف المشهد عن تريُث إدارة حماية التراب الوطني و حيادها التام بعدم امتلاكها سريًا لأي مؤسسة صحفية كما هو حاصل في كل الدول العربية ، التي كانت تدعي الاستقلال المهني منذ سنوات.

و بعد تأكد الصحفي المهني أن إدارة حماية التراب الوطني المعروفة اختصارا DGST ، كانت و لازالت بعيدة عن أي تدخل في منتوجات الصحافة الرقمية سواء المكتوبة أو المرئية، باتت الرسالة الصادرة عنها شبه موحدة بفضل ملامسة حقيقة واحدة تمثلت في توظيف الجزائر لبعض الصحفيين خارج المغرب بهدف ترويج ادعاءات عن حقيقة علاقة DGST بالصحافة الوطنية، وذلك بالتزامن مع سيطرة غير مسبوقة لتدخلات الصحافة في كل ما يمكن أن يساهم في فضح مساوئ النظام الجزائري .

هذا المعطى ، عزز باعتقاد راسخ لذى النظام الجزائري أن ما تصل إليه الصحافة المغربية و كيفية تأثيرها في العمق الجزائري نابع من فعل فاعل أو توجيه أمني مُعين فيما بات يسمى إعلامياً “رسائل الصحافة الوطنية إلى العمق الجزائري”.

ومن ذلك،

و مع انتشار نوع جديد من المؤثرين العرب الذين لامستهم رسائل الصحافة الوطنية و تأثير بعض اليوتوبر المغاربة عبر ما ينتجه عدد من الزملاء كلما تعلق الأمر بالقضايا الكبرى للمغرب، لتظهر قنوات مصرية و يمنية و خليجية تساهم بشكل مستمر و فعال في الترافع عن كثير من القضايا ” حصرا قضية المغرب و الجزائر ” .

وتزامنت هذه الأحداث ، مع عمق رأية و تصريحات مسؤول بالأنتربول من مدينة مراكش نهاية الشهر الماضي ، على أن المغرب أصبح نموذج يحتذى به على مستوى العالم في مجالي الأمن وإدارة الفعاليات الكبرى ، أمر سبقه إليه ملوك و رؤساء و دول عظمى استدعت المدير العام للأمن الوطني المغربي للتكريم و التتويج ، حيث اختيرت المدرسة الأمنية المغربية لتأمين أكبر حدث دولي في العالم ” مونديال قطر 2022 ” .

و مع السيطرة على السوق المرئي والمسموع في المغرب من قبل الصحافة الإلكترونية، فإن سيطرة مماثلة على هيآت التنظيم و التوجيه أصبح أمر مسلم به لما تستدعيه المرحلة من اهتمام متزايد من طرف الدولة و التي تسعى إلى مخاطبة الهيآة بدلا من التشتت و الفردانية .

و لم تتوقف السيطرة عند هذا الحد، بل امتد إلى محاولة السيطرة على سوق الدعاية والإعلان أيضاً من طرف بعض المؤسسات الصحفية و لديها ما يبرر ذلك لأسباب عدة منها قوة حضورها و تأثيرها و اتساع شبكة اتصالاتها…

كل هذا و لا يزال، السؤال يعيد طرح نفسه ، ما علاقة DGST بالموضوع !!! ، و ما سبب إقحام هذه المؤسسة الأمنية الكبرى في الأمر ؟

تفاعلا مع ما قاله أكبر ” ستريمر ” بالمغرب ، ” إلياس المالكي  ” ، موجها أصابع الإتهام إلى الزميل الصحفي أشرف بلمودن و إقحامه في قضية التخابر التي تمس بصورة أي صحفي في المغرب، و الذي تهجم على الزميل بأن كل ملفاته و ما ينشره تضل ضمن التعليمات و التوجيهات الأمنية ، فإن حقيقة DGST أعرف بالصحافة من الصحافة عبر طرح نقطة جوهرية مفادها :

أنني ذكرت في عمق النص، الكيف الذي يعمل به الصحفي المغربي في مشوار نضاله و مهنيته التي يوظفها لأمر واحد لا يخرج عن إطار انشغاله، ألا و هو تفسير الأحداث ليس إلا ، و المتمعن في عمق النص سيبحث عن حضور DGST حضورا منعدما في مسار البناء و التأسيس و الممارسة و إلا فإن ما قاله إلياس المالكي ضرب مباشر لصورة السلطة الرابعة بين باقي السلط .

إلياس المالكي (مواليد 8 أغسطس 1996) و هو يوتيوبر وصانع محتوى مغربي، اشتهر بإنتاج مقاطع فيديو على منصة يوتيوب تناقش مواضيع متنوعة بلغة منعدمة الحياء ، و قد توجه يوتيوب من اقوى و اكبر عشر ستريمر عالمي .

في الختام ،

“لو أرخيت اللجام للصحافة، لن أستمر في الحكم ثلاثة أشهر”، عبارة قالها نابليون بونابرت بعد انقلابه الشهير الذي سطا فيه عام 1799 على الثورة الفرنسية، ونصب نفسه قنصلًا أولا…

نابليون كان أول من استخدم الصحافة واستحدث البيانات العسكرية، وحتى في زمن غير بعيد فقد وظف الجنرال ديغول الصحافة و الإذاعة لتحرير بلاده.

نعم ،

لقد تم إقحام مؤسسة أمنية مهمة جدا تستهدف التنبؤات الميدانية في عالم الاستخبارات استباقا للأحداث المستقبلية وتجنبا للمفاجآت الإستراتيجية، ومساعدة عملية اتخاذ القرار على توجيه الموارد المحدودة إلى أكثر الجوانب والقضايا أولوية، حسب إستراتيجية الأمن القومي، و هو ما جاء في مقل نشرته هيسبريس سنة 2023 .

و كما قال أ.محمد العربي ، أن إدارة حماية التراب الوطني تتشكل فيها دورة الاستخبارات من ست عمليات، تتمثل في التخطيط والتوجيه من خلال تحديد برنامج العمل وفقاً لمتطلبات صانعي السياسات من معلومات مطلوبة لتعزيز قراراتهم، ثم جمع المعلومات وفقاً لنطاق الأولويات، وهي مرحلة العمل الميداني بالنسبة لعناصر الاستخبارات البشرية، أي الجواسيس والعملاء، وتوظيف أدوات الاستخبارات الإشارية، ورصد موارد الاستخبارات مفتوحة المصدر، التي أصبحت منجماً للمحللين والعملاء، إلى جانب المعالجة والاستغلال، لأن المعلومات التي يمكن جمعها عن موضوع واحد هائلة إلى حد الإرباك؛ ثم مرحلة التحليل والإنتاج، وهي المرحلة الأهم في العمل الاستخباراتي، إذ تشير إلى “إضفاء واستخراج معنى مما تم فرزه من المعلومات التي تم جمعها”، وصولا إلى مرحلة النشر، وأخيرا مرحلة التقييم التي تنتج بالأساس عن ردود فعل صناع القرار على المنتجات الاستخباراتية.

ختاما ،

فإن أهل مكة أدرى بشعابها ، و أن DGST أعرف من كل صحفي بصحيفته ، إلا حينما ينهق ” المحروم ” و ” القانع ” لزعزعة ثقة القارئ في المقروء و المشاهد في ساعة البث و أن DGST بريئة مما تدعون …