آخر الآخبارمقالات

المغاربة لم يستوعبوا الدرس و الخدمات في تردي مستمر

لسانكم :

سعيد عيسى المعزوزي،

أجمع المغاربة أن الوضع الحالي ليس طبيعياً أو إن صح التعبير لم يكن مقبولا للغاية و لحد الساعة .

ففي الوقت الذي تحاول فيه البلدان في جميع أنحاء العالم التكيف مع إضطرابات المشهد التعليمي الناجمة عن جائحة COVID-19. يعمل فريق تكنولوجيا التعليم بالمغرب على تعزيز الدراسة عن بعد لكن بالأسلوب المغربي المتعارف عليه تعلم الحجامة في رؤوس اليتامى .

و لأن وزارة التعليم التي يقودها السيد أمزازي ، لم تعتمد في وقت السلم و الرخاء أولاً على أي دراسة استكشافية لفهم الفعالية المتصورة لحلول التعلم عن بعد في ضل الأزمات التي قد تحدق بالمغرب ، فإن كثير من الأساتدة أكدوا لجريدة لسانكم ، أن بعد مرور الجائحة سيصبحون مطالبين بتلقي علاج نفسي معمق و طويل .

بعدها نأتي على الخدمات البنكية بعموم أحوالها و التي يمكن لنا القول أنها المساهمة الأولى في تعتر عجلة الإقتصاد و التعاملات الرقمية السلسة لما لها من فعالية في تسريع جودة البيع و الشراء و تسيير الحسابات عند بعد .

لكن الأزمة التي تتربع عقلية الإدارة البنكية قبل أن تتمكن من الزبون المزاجي ستعزز الضغوط التنافسية على قرارات السياسات البنكية من خلال تسريع الاتجاهات نحو  إطلاق باقات بالمجان كانت بالأمس القريب حكرا على ” من يدفع أكثر ” لكنها لم تعزز منافذ الرقمنة لطالبي الخدمات المالية الجدد للأسف.

و لكي أوضح أكثر، فإن خدمة التحصيل المالي عن بعد و المتعارف عليها بجهاز الأداء الإلكتروني أضحت بين مطرقة التعقيدات البنكية وشروط الإستخدام و سقف التحصيل من جهة و سندان التخوف الضريبي من جهة أخرى ، في وقت أصبحت هذه الأجهزة في متناول بائعات الهوى و الشواد الجنسيين بشوارع أوروبا ، يقدمونها كخدمة سريعة الأداء لزبنائهم الأعزاء .

كما أن الإدارة المغربية ، و التي استثمرت عبرها الحكومة الحالية ميزانيات هائلة لإطلاق سلسلة مواقع لتقريب الخدمات الإدارية للمواطنين ، أصبحت تشكل حديث المرحلة من خلال جودة استجابة المواقع و البنية التقنية السيئة التي أنشأت من خلالها .

و لقد استبشر المغاربة خيرا بعد فزعة الخوف التي أصابت الجميع بين شهر مارس من السنة الماضية 2020 إلى غاية شهر يوليوز من نفس السنة ، حينما اعتقد المواطن أن الجو العام سيدفع بالجميع إلى إعلان ثورة خدماتية في أفق السنوات المقبلة ، إلا و أن الرأي العام يصدم بحمار جحى تائه عن صاحبه في عقبة العقلية المتحجرة التي ستكون سببا في خلق جو إجتماعي أكثر كآبة و بئسا من ذي قبل .

الطب و المصحات الخالصة لأصحابها ،

أكد المشهد الإستشفائي بالمغرب ، أنه غير مستعد لتقديم أي مبادرة خدماتية عن بعد حيث تحولت المصحات الخاصة إلى مقص رأسمالي رهيب عكس معطيات حديثة تدعم زيادة المختصين بخطر الإصابة بمتلازمة ” جاك السفاح ” الشهيرة .

كما أن سلوكات خطيرة أصبحت تتغلغل بين الأشخاص ذوي متلازمة ” دوران الأعين ” ، لتشمل كل العناصر البشرية بهذه المصحات حيث لم تتوفق في الإنخراط في أي مبادرة تهدف إلى خدمة الإنسان المغربي البئيس .

الشعب لم يعد يكترث لكورونا، الكل لا يريد البعد و التباعد…

إذا نظرنا إلى جموع المواطنين فلن أتصرف مثلهم أبدًا ، و إذا نظرت إلى مواطن واحد يرافق جسده دون الآخرين ، سأقول أنني بخير .

“كانت هذه كلمات امرأة بريطانية أكسبتها معرفتها العميقة أن عدم تقبل الوباء سيؤدي إلى نتائج كارثية لا محال له .

هذا الأمر يحلني إلى ما أشاهده بشكل مستمر بشوارع أكدال الرباط و مرجان سلا و كارفور و ترام الحضارة و مول البيضاء، مشاهد تمثل أحد أكثر الجوانب المحيرة للاستجابة لحب العيش في ضل الخوف من اللا خوف ، في وقت لم يستجب المجتمع لمحنة الآخرين إلا في إطار ضيق ، بينما رأى العالم المتقدم أن وفاة واحدة على أنها مأساة وطنية، ” اليابان و التيلاند نمودج “.

إن الحديث عن عدم تقبل وباء كورونا ” كوفيد 19 ” ، يمكن أن يكون مدخلا نكافح من أجله للحصول على إجابات لمسببات فقدان الأرواح على نطاق واسع.

ففي كثير من الأحيان ، تحولت وفاة الكثيرين إلى مجرد إحصائية من قبل الرأي العام المغربي. كما أن ملايين الأرواح التي أُزهقت في الكوارث الطبيعية أو الحروب أو المجاعات على سبيل المثال ، أصبحت أكبر من أن تُفهم في شقها الإنساني.

هذا الشق الذي يفتح شهيتنا الجماعية لمساؤلة التأريخ المغربي حول كل حالة وفاة، مأساة تحدث على المستوى الفردي ، مع ترك أسرة مصدومة ، ولكن و مع تصغير الصورة ، ” الصورة حدث ، الصورة فكرة ” ، سنتساؤل : هل يمكن لأي شخص أن يلتف حول 373 يوم من حياة يومية مع فيروس كان يتربص به و كيف ترك بصمة إيجابية في هذه المحنة ؟ 

ختاما ،

فإن عدم قدرتنا على فهم المعاناة التي تنطوي عليها هذه الإشارات المختصرة في مقالي هذا، يرسخ عدم فهمِِ عام سيضر بطريقة ردنا على مثل هذه المآسي من خلال تدبير الخدمة الإجتماعية في شقها الإداري ، حيث أن هناك أدلة على أن الناس يعانون من إرهاق تردي الخدمات بالمغرب و هم يقرؤون القليل في تفاصيل الأمل التي قتلها مقرر يئس من قلمه و ما حوله.

إن الشعور الحدسي السريع معجزة من نواح كثيرة ، لكنه قد يتجلى ببعض العيوب ، أحدها أنه ينضر إلى العنصر البشري من ناحية أرقام و حجم و ليس قيمة ، و الثاني أنه يوظف منطق البيركولاج .

كما أن سوء الخدمات و حالتها المتهالكة بالمغرب ، أصبح سؤال المستقبل الذي سيطرحه على مسامعي إبني و ابنتي ، أما بالنسبة للكثيرين منا ، فإن أزمة فيروس كورونا قد أثارت فينا بعض المشاعر غير المألوفة ، حيث جعلت الآخرين يشعرون بمزيد من الحقد و الحدة و هما في تزايد مستمر.

و مع ذلك ، فقد نكتشف جذور هذه التفاعلات ، وما إذا كانت لها فوائد خفية و هل ستكون مخرجا للإنتقال إلى الأفضل…جواب أنت من يملكه سيدي القارئ. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى