آخر الآخبارمقالات

الوباء في زمن الأقزام … اليوم الثاني

لسانكم :

بقلم سعيد عيسى المعزوزي،

اليوم التاني :

لا ينام الأقزام إلا على الخرافة و خرافة المرحلة هي الإشاعة عبر مرآت هواتفها… و حينما يستفيق القزم يرسل سؤال الدهشة خلال صباحه ” أش وقع وحنا ناعسين ” كاين شي حالة جديدة ؟ شكون مات ؟ شكون برا ؟ فين وصل ؟…

و لكي نمر لسرد أحداث اليوم التاني ، هذا اليوم الذي كنت أتمعن في أحداثه لأدونه بدقة ، فإن وباء العمالقة قد تسبب لي بحالة من الفزع بسبب الكم و الكثلة الهائلة من المعلومات التي توصلت إليها في وقت كنت منشغل فيه بالبحث و جمع المعلومات و تحليل سلوك الخاصة و العامة .

صباح اليوم التاني:

في الوقت الذي كان الأقزام هائمون في جمع فتات الأرض يدخرونه ليوم قد لا يأتي ، إذ بصوت الحاكم ( السلطة المحلية ) ينادي في الناس أن لا تخرجوا لا تجتمعوا لا تتصافحوا لا تتنازعوا ، فكانت اللام أقوى الحروف حضورا و تأثيرا في أنفسنا.

ثم ينادي في الناس مرة أخرى : ” لقد نزل الوباء إنه موجود قادم يقترب “، و لكن لأن الأقزام كانوا ينظرون إلى تجارب دول الجوار بنفس الحجم الذي هم عليه، حيث لم يعيروا أي اهتمام لصوت الحاكم و رسله، فإن هذا العنصر قد اختلطت عليه كل الأمور و لم يعد يدرك هل هو من الأحياء أم الأموات ، لقد كان إحساس غريب يخالج صدور مجتمع كان يصدق الإشاعة في وقت قريب أكثر مما تشاهد عينه ، فإذ به يتحسس خبرا صادقا يكذب الواقع المنتضر .

هذا المشهد، جعل حراس المملكة أن يتدخلوا ليفرضوا حضر التنقل و الترحال، لأن الأقزام أعلنوا رفضهم للحصار أو العزلة حسب تعابيرهم، كما أنه أمر لم تقبله عادات و سلوك أقزام المرحلة و الظرفية ، فالأقزام تحب ” الربيج ” و الدخشيش ” و ” الشبوقات ” ، كون هذه العناصر الثلات هي مصدرها اليومي الذي تنهل منه ذلك الزاد الحكواتي الذي سيحمله كل قزم إلى أسرته أو خليلته ليمارس عليها و عليهم الأستادية أو السادية المعرفية عند سترة الليل إن صح التشخيص .

و لأن الوباء في زمن الأقزام ، قد شكل أكبر نعمة في اتجاه العلاقات الإجتماعية للمغاربة ، فقد يمكن اعتباره مدرسة حياة جديدة لمن لا مدرسة له، و فرصة حقيقية لمراجعة شاملة لجميع مناحي الحياة و سلوكيات هذه الفئة من ساكنة كوكب الأرض .

لقد أعلن المجتمع المغربي قبل حلول الوباء، عن أكبر معاناته في زمن العلوم الحديثة و سرعة التكنولوجيا ، حيث طالما اشتكى عزلة أخيه الإنسان عنه من داخل نفس المربع السكني الذي يقتسمانه ، و مند الإلتزام بأول أيام الحجر بدأت تضهر عشرات المشاكل التي تصب في عدم تحمل الآخر داخل نفس المربع ، و لأن المجتمع لم يدرك في آنه أن الوباء فرصة ذهبية لتحديث الفهم و التعرف من جديد على ذهنية الشريك ، من يكون ! كيف يفكر  ! ماذا يفعل ! و هلم جرا ، فإن الكل أدرك هذه الحقيقة بعد إطالة أمد الحجر.

إن اليوم الثاني من إعلان إنتشار الوباء بالمغرب ، لم يكن مختلفا عن سابقه بقدر ما أنه شكل للبعض فرصة حقيقية للولوج إلى باقي الأسرة و إعادة تحديث علاقته معها في إطار إختياري دفعه إلى تقبل الوضع المؤقت .

كما أن عملية عزلنا الإختياري ، شكلت فرصة حقيقية لمراجعة علاقتنا مع عقائدنا السماوية و التوجه إلى الله بقلب سالم مسالم بداعاء النجاة و الخير للجميع.

في هذا اليوم ، تزداد حالات إصابة المواطنين على مدار الساعة ، و يبدأ سلوك التربص بالذات بصرف النضر عن المحيط، دون أذنى معرفة مسبقة لمآلات صباح اليوم الموالي ، و مع أن الإعلام الرسمي قام بأكثر من واجبه في ملئ الفراغ الإرشادي إلا و أن أغلبية المواطنين وجدوا نوافذ إعلامية ينهلون منها لسد فراغها التواصلي، حيث وقع الإعلام الرسمي عند نهاية آخر النهار من اليوم الثاني للحجر الصحي ، في أكبر خطئ إعلامي فادح ، ، حيث روج أن عناصر من الأسرة الدولية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من إكتشاف لقاح الوباء القاتل و هي الآن تحت التجارب السريرية …

و هنا الطامة أو القشة التي أوقدت النار في تبن الماعز !

هذا الخبر ، كان سببا لرفع حالة الخوف من مآلات الوضع، حيث بدأ البعض يروج  من جديد أن لا خوف من الغد و ما هي إلا 15 عشرة يوما من هذا الحجر اللعين و يكون المغرب ممن سيشملهم عطف النصارى، ” الكفار ” من وجهة نضر المتعصبون أمثال أبو الحجيم .

هذا الخبر ، دفع بنا كمجتمع خائف ركبه الهلع إلى تغدية جهاز الأمان قليلا ، حيث بات الكل متأكد أنه مرة أخرى ” راه كلشي بحال بحال” و  ” بحال إبولا بحال كورونا ”  الله يجيب اللي يداوينا…

من سيحاسب المسؤول عن تقديم و تعميم هذا الخبر ، الله أعلم …فعلا هذا ما يسمى بعد النضر الإعلامي العربي و المغربي  .

هذا الخبر ، جعل عمل السلطات المحلية جد مضاعف إن لم أقل مرهق بما فيه الكفاية، حيث عاد الإختلاط من جديد و بسرعة فائقة و بدأت بعض الأسواق تكتض و هلم جرا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى