آخر الآخبارمقالات

بين المد و الجزر ـ علاقات المغرب مع إسبانيا و الخطيئة المشتركة

لسانكم :

سعيد عيسى المعزوزي ،

قرر المغرب  في كثير من المواقف إنجاح خطط الشراكة القائمة بينه و بين بوابة أوروبا الجنوبية ، ” إسبانيا ” في وقت حاولت بعض الدول القريبة من جغرافيا الأحداث التأثير على هذه المواقف و العلاقات بأكثر من وسيلة و غاية حيث حاول البعض ربط الطرفين بالتاريخ و العداء التقليدي.

لكن السياسة الخارجية المغربية التي يرسم آفاقها الملك محمد السادس ، و التي تحمل مخطط الإنفتاح على شراكات متنوعة شكلت اهتماما كبيرا في كثير من البلدان العربية و المجاورة التي لها علاقات مختلفة مع إسبانيا، حيث اتضح في أكثر من مرة أن المنظومة العربية لم تلعب أي دور للوساطة بين المغرب و أوروبا في كثير من الإختلافات و المواقف و المتغيرات التي مر بها المغرب بسبب تنمر بعض صناع القرار الإسبان على السيادة الوطنية .

رسميا تربط المغرب والمملكة الإسبانية علاقات استراتيجية يدرك عقلاء السياسة و القرار الدولي عمق أهميتها، لكن في الحقيقة خطا المغرب منذ سنوات خطوات كبيرة نحو أوروبا عبر إيجاد نمودج شراكة جيدة مع إسبانيا.

ففي السنتين الأخيرتين ، أطلق المغرب مبادرات قضائية و أمنية عززت مفهوم حماية المصالح الدولية المشتركة بين البلدين لحل أي مشكل أمني عالق في تأويلات التنسيق المشترك بين البلدين، وفي نفس الفترة التقى ممثلوا البلدين لإجراء محادثات عميقة حيث جمع البلدان قلق مشترك من قضايا الهجرة و الإرهاب و التعاون القضائي و رفع وتيرة التعاون الإقتصادي ، وهي خطوات كبيرة و مهمة من الناحية الفعلية، لكنها تعتبر هامة من الناحية التاريخية .

لكن مشكل التاريخ لازال عالق في برامج بعض السياسيين الإسبان حيث يتم توظيفه إعلاميا كلما دعت الضرورة إلى تصدير بعض المشاكل الداخلية إلى المغرب أو بعض الدول اللاتينية .

و يجري مند بداية أحداث مدينة سبتة توظيف إعلامي واسع ضد المغرب دون الوقوف عند حجم الشراكات و المصالح المشتركة التي تجمع المغرب و إسبانيا ، هذا التوظيف الذي يؤكد أن أسبانيا كبلد ديموقراطي يحاول إبقاء مصالحه مع المغرب بين مد وجزر لإرضاء قناعات سياسية غير مبررة .

ففي الوقت الذي ، حرك المغرب ترسانته الإعلامية و الصحفية لإبراز حجم التوافق المغربي الإسباني في السنتين الأخيرتين انحصر الإعلام و الصحافة الإسبانية عند زاوية التدقيق و الجمود دون إثارة نفس الكم من المعاجلة الإعلامية لتطور هذه العلاقة بين البلدين .

هذا الأمر ، يؤكد أن أسبانيا ماضية في الإحتفاض بالمكون الإعلامي بكراسي الدفاع عن مصالحها تارة و التوظيف الهجومي تارة أخرى و هو ما جعل فعاليات إعلامية و منابر مغربية متواجدة و نشطة بإسبانيا في موقف حرج في كثير من المواقف .

هذا المعطى الخطير ، أكدته عملية اعتقال صحفية عاملة بإحدى المواقع المغربية الشهيرة أثناء تغطيتها لأحداث من داخل مدينة سبتة ، على أساس رسالة مباشرة لأي مهاجر مقيم بأراضي المملكة الإسبانية من ضرورة توخي الحذر في معالجة قضايانا الوطنية خارج الحدود ، و هو ما أشرتُ إليه في أكثر من مرة في سابق مقالاتي .

ففي ضل هذا الحدث و التحول الذي أكد أهمية الإعلام المغربي عند الجارة الإسبانية ، يحيلنا التفكير إلى ضرورة الإنتقال من دعم الجمعيات و الفعاليات المدنية الباهثة الحضور بأوروبا ، و التي أكدت بعض الأحداث أنها غير قادرة على قلب موازين الصورة ، إلى دعم و تعزيز الحضور الإعلامي المغربي بأوروبا عموما و بأسبانيا خصوصا لمخاطبة الرأي العام الإسباني بلغته التي يفهمها .

إن تجارب كثير من المغاربة العائدين من دول اوروبية إلى المغرب ، و اللذين أطلقوا سلسلة منابر داخل المغرب أصبحت تشكل قوة إعلامية مؤثرة لا يستهان بها وطنيا ، أعتبره من وجهة نضري الشخصية أكبر خطيئة في مسار بناء منظومة إعلامية دفاعية عن مصالح المغرب ، حيث اصبح لزام إعادة توجيه بوصلة دعم المنابر و تعزيز حضورها خارج المغرب ليخدم مصالحه الخارجية .

غالبا ما يشير زعماء إسبانيا إلى أن بلدهم يعاني صعوبة في علاقته بجيرانه، لكن مؤخرا كانت هناك علامات واضحة و دلالات متجلية إلى أن المشروع الكوني الكبير الذي انخرط فيه المغرب بقوة ، قد قامت إسبانيا بنسفه نهائيا و المتمثل في مشروع محاربة الإرهاب، حيث قامت الأخيرة بإحتضان إرهابي مطلوب للعدالة و ليتم توظيف نفس الترسانة الإعلامية التي قامت بتعتيم التفاصيل إلى رسم سيناريوهات كبيرة عبر أحداث مدينة سبتة .

و قد أعلن المغرب عبر لسان خارجيته ، أنه لم يعد مستعد للعب دور الحارس كما أن إعلانه عن احتمالية إنهيار التعاون الأمني يشكل خيبة أمل كبرى بعد ضرب الجهود العالمية المكافحة للجريمة الدولية ، كما أن عملية توظيف أحداث سبتة يخدم كثيرا الهروب إلى الأمام من فضيحة احتضان الإرهابي ابراهيم غالي المطلوب للعدالة الدولية .

“احتواء للأزمة”

لا يتوقع المترقبون و كل أفراد السلطة الرابعة بالمغرب ، أن يكون هناك أي احتواء للأزمة كون مفهوم الإحتواء يندرج في إطار تنازلات و إغلاق للملف بطرق غير مرضية لإحدى الطرفين ، لإن قضية أحداث مدينة سبتة أصبحت مرتبطة ارتباطا كليا بقضية احتضان و حماية ابراهيم غالي و هو ما يؤكد أن الأزمة سيطول أمدها إن لم تنزل إسبانيا من التحليق عبر تيارات الهواء ، لأن ” اللي تبع الهوا كا يديه الريح ” .

فإسبانيا متورطة بشكل مباشر، في نزاع الصحراء المغربية مع الجزائر ، و تؤيد المجرمين المطلوبين للعدالة الدولية لكن السلطة الرابعة بأسبانيا كانت أكثر تورطا و شراكة في جرائم إبراهيم غالي و من على شاكلته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى