آخر الآخبارمقالات

خبراء وباحثي درعة تافيلالت…في زمن كورونا

لسانكم :

بقلم ابراهيم بوفدام

لنرجع بذاكرة القارئ الى يوم 27 مارس سنة 2016 بأرفود، مستحضرا مقتطف من كلمة رئيس الجهة، حيث قال في اليوم الافتتاحي للمنتدى التأسيسي لمؤسسة خبراء وباحثي درعة تافيلالت، “…المنتدى فكرة نشأت في مختبر مكتب مجلس درعة تافيلالت، وأمام التاريخ فهي تستحق تسجيل براءة اختراعها بلغة العلم والعلماء لمجلس الجهة، وصوت أعضائها بدعم المشروع في أول خطوة تأسيسية على تخصيص مليار سنتيم  من ميزانية جهة درعة تافيلالت…”. لذلك فيحق لنا أن نتساءل كمواطنين عن ماذا حققت هذه المؤسسة بعد دعمها من المال العام؟ في مجال البحث العلمي لاسيما في زمن كورونا الذي يعتبر فيه أهل العلم والبحث والاختصاص   قادة قوارب النجاة   للبشرية من الموت المحتوم.

  • ومضات مختصرة من تاريخ التأسيس

 مضت 4 سنوات على سماع كلمة الرئيس الى جانب خطابات أخرى  رنانة  قدمت بحماس قل نظيره على منصة المنتدى بمختلف اللغات، واستعراض العضلات الفكرية، و شتى أنواع الدكتوراه في مجالات البحث العلمي (  النووي،  الفضاء ، المعلوميات ، والطب،…)، وخلص المنتدى التأسيسي بتوصيات عديدة منبثقة عن ورشات موضوعاتية أطرها خبراء، من بينها ورشة “التعليم العالي والبحث العلمي كقاعدة للتنمية الجهوية”، والكل يصفق لضرورة المضي قدما بالبحث العلمي لأنه ركيزة أساسية في مستقبل الجهة و تقدم البلاد برمتها، وخلق مصالحة للجامعة مع البحث العلمي…، لكن مضت أيام وسنوات عن انتخاب مكتب المؤسسة، وربما لم يتم تجديده وتقديم تقاريره الأدبية والمالية حسب القوانين المنظمة إلى حد الساعة رغم انتهاء ولايته، ولم يرى مشروع واحة الأنوار النور ومركز البحث العلمي بشراكة مع الجهة، وبقي العلماء والباحثين والخبراء في صراع فيما بينهم، واستقال من استقال منهم من مهام اللجان الست الوظيفية وبقي البحث العلمي يراوح مكانه، لأن نية التأسيس كانت ربما مبيتة الأهداف و اتضحت آنذاك لأولي الألباب من خلال الحضور الوازن لوزراء بالمعطف السياسي ، لتنقيب عن الأدمغة وأدلجتها لتطعيم كوادر دكانهم السياسي. حيث صرح الوزير  السابق للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر على أن ” مرسوم بوليتكنيك الرشيدية بين يدي رئيس الحكومة”، والحقيقة اتضحت بعد عدم تمكين الجهة منذ ذلك الوقت من جامعة مستقلة إذا أردنا حقيقة تنمية قدرات الخبراء و البحث العلمي بالمنطقة مهد الدولة العلوية الشريفة، ولجعل مؤسسة الخبراء تجد عشا أكاديميا يحتضن أنشطتها وآفاقها المستقبلية، والتي يصعب تحقيقها بين أحضان وأروقة المكاتب السياسية، التي تغير لونها وجلدها كل 5 سنوات.

  • أين الخبراء و الباحثين لدرعة تافيلالت في زمن كورونا Covid-19؟

ارتباطا بالظرفية الصحية الحالية، زمن الحجر الصحي واعتلاء وتعجرف فيروس كورونا على البشرية جمعاء، فما أحوجنا إلى بحوث خبراء وباحثين من درعة تافيلالت في علم المناعة والفيروسات، ليضعوا بصماتهم التاريخية إلى جانب منصف السلاوي بأمريكا، وفريق البحث المعتكف بجامعة محمد الخامس بالرباط، لفك شفرة لغز هذا الوباء ، وترويضه علميا لخلق وصنع اللقاحات، ليصبح المغرب السبب في شفاء العالم من هذا الوباء الفتاك .

صحيح قد نظمت هذه المؤسسة أنشطة محدودة،  وفتحت مبادرات منافسة في ذلك صغرى جمعيات المجتمع المدني، وتنظيم لقاءات بالأقاليم حول مواضيع  لم نلمس فعاليتها في الميدان ولم تغير الواقع، وفي التوجيه المدرسي للتلاميذ ونقلهم للرباط وارجاعهم دون الاستفادة من التأطير والمرافقة، وتجميع وتبني مساهمات مالية للطلبة العالقين في المدن خلال فترة كورونا والمشاركة على المباشر عبر الفايسبوك وزووم مباشرة حول تداعيات كورونا على الاقتصاد…، ذلك لم يرقى إلى حجمها المأمول، فالمطلوب الآن هو الانخراط في مشاريع البحث العلمي الحقيقية  ذات النفع المباشر على الجهة، والتركيز على براءات الاختراع  في الميدان الصحي لأبناء المنطقة، وفي تطوير منظومة التربية والتكوين، والتأسيس لإرساء معاهد عليا وكلية للطب بجهة درعة تافيلالت، مع شد الرحال للتدريس بها، لتمكين طلبة الجهة من الاستفادة من تجارب “الخبراء والباحثين” بدل مخاطبتهم عن بعد عبر اللايفات من الرباط و مكناس وأمريكا، واوروبا…،

  • مؤسسة الخبراء والباحثين درعة تافيلالت المأمولة بعد كورونا

     جائحة كورونا أتت لتعري الانسان وتكشف زيف خطاباته، ولتؤكد أننا في حاجة لإعادة الانتصار للعلم مفتاح الفرج ، المأمول إذن هو التأسيس لمؤسسة مدنية بعيدة عن كل عمل سياسي، والتحضير المسبق للمشاركة في تدبير الأزمات، والدور المفترض ان تقوم به المؤسسة في شق البحث العلمي والخبرة، والقدرة على الاجابة للسؤال لما بعد كورونا بجهة درعة تافيلالت، لأنه لمسنا خلط لدى المؤسسة لما بين الدور الاجتماعي التضامني المتمثل في توزيع الاعانات والمساهمات الخيرية خلال الجائحة، وذلك أخرجها عن سياق موجهاتها الأساسية المنصوص عليها بمنتدى أرفود، وهي تنمية الجهة عبر البحث والخبرة العلمية وابتكار الحلول الواقعية العلمية لمثل هذه الجائحة ولمشاكل مستقبلية التصحر وندرة الماء، وكيفية تدبير المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها الجهة في مختلف الميادين كالسياحة، الفلاحة، المعادن،…

      ولا ندعو الى رؤية تشاؤمية، بل كورونا هي من أعادت ترتيب الأولويات لمختلف المؤسسات العلمية، فالمأمول اليوم هو تكوين وجلب أمثال العالم السيد منصف السلاوي، والسيدة زهرة اليزيدي مديرة مشروع انتاج فحص كورونا بإسبانيا من منطقة النقوب بزاكورة، للانخراط بالمؤسسة وتدبيرها، وللحفاظ على مقومات البحث العلمي وتحقيق الأهداف المتوخاة، فلابد من عقد شراكات كبرى، والبحث عن المنفعة العامة، وإعداد مشروع ودراسة بالإحصائيات العلمية بعين الخبير مقنعة للوزارة الوصية، للترافع لإحداث جامعة مستقلة بالجهة “جامعة مولاي علي الشريف” مثلا، لان بدونها لا حديث مستقبلا عن مؤسسة الخبراء والباحثين بمعناها الحقيقي و ستبقى بمثابة جمعية خيرية مناسباتية لدعم الطبقة الفقيرة وقت الحاجة والأعياد  وشهر رمضان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى