آخر الآخبارمقالات

” الإخوان”…الوليدات الذين تم التضحية بهم لتمثيل أدوار هذا الفيلم لم يدرسوا لا سينما ولم يتخرجوا…

لسانكم :

جلال عويطة،

الدراما من هذا النوع استعملها النظام المصري عن طريق شركته (شركة سينرجي)، وهي واحدة من شركات عدة تعمل في مجال الإعلام، وتخضع لسيطرة مجموعة (إعلام المصريين) المرتبطة بالأجهزة المصرية، التي تمتلك أغلب شبكات القنوات الفضائية المصرية، ومن خلالها تم فرض نمط درامي يخدم فقط توجه العسكر .. بالنسبة لي المملكة المغربية بخصوصيتها وتاريخها ليست هي مصر، وأن هذا النوع من الأفلام لا يخدم المملكة المغربية وتوجهاتها وتحدياتها الحالية ورؤية جلالة الملك بقدر ما يخدم من يُريد ضرب المقدسات المغربية وترابط هذا المجتمع الذي عجز الكثيرون عن تفكيكه، قد يقول قائل الفيلم لم يصدر بعد وأنت تطلق عليه هذه الأحكام .. قرأت عنه واطلعت على جزء من السيناريو أثناء التصوير، وحكى لي عدد من الأصدقاء الذين اطلعوا على كواليسه وشاهدت بعض صوره التي لا تكاد تخرج عن النموذج المصري في تصوير المسلمين ولا يبعد عن أفلام عادل إمام في ربط مظاهر التدين بالإرهاب .. والحقيقة أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر وجود التطرف الديني، ولكن هذه الظاهرة لا ترتبط بدين محدد حتى يتم ربطها بالإسلام، فالتطرف موجود لدى معتنقي جميع الأديان وجميع الثقافات، وما يحدث اليوم في أوروبا الشرقية جزء من ذلك، ولابد من مواجهتها بقدر ما تُشكل من تهديد، والدراما وسيلة جيّدة لمواجهة الفكر المتطرف عن طريق تشريح الظاهرة، وتسليط الضوء على أسبابها الحقيقية، وتقديم الحلول الممكنة للقضاء عليها والاستعانة بأهل الاختصاص، لا أن يتم إنتاج مثل هذه المهازل وإطفاء صبغة الفن عليها ثم تقديمها لعموم المجتمع على أنها المنقذ !

المغرب بمقارباته الأمنية والاجتماعية والدينية نجح بشكل كبير في ضرب التطرف والإرهاب بمختلف أنواعه وطنياً ودولياً وليس فقط من يتلبس بلبوس الإسلام، ولا يحتاج المغرب اليوم لمثل هذه الأفلام التي استعملتها الأنظمة الأخرى كنظام السيسي المستبد والذي لقي موجة كبيرة من الانتقادات منها ما ورد في صحيفة التايمز البريطانية في مقال بعنوان (المسلسلات المصرية آخر ضحايا حملة السيسي)، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومنذ توليه السلطة عام 2014، سعى إلى السيطرة على السياسة وخنق النقاش الفكري والحد من حرية الصحافة، لكن رغبته الآن في السيطرة على المجال العام امتدت إلى عالم المسلسلات والدراما، كما صدر تقرير عن رويترز في 2014 كذلك، يتناول سيطرة السيسي على الإعلام لخدمة توجهاته، وسيطرته كذلك على صناعة الترفيه والمحتوى الدرامي.
المملكة المغربية، مملكة التنوع والانفتاح والتاريخ والحضارة ولا تحتاج نهائياً لمثل هذه الأفلام التي قد تفتح أبواب التشويش التي نحن في غنى كبير عنها، تاريخنا مشرق رغم حجم التحديات.

هناك تحديات كبيرة جدا تواجه المغرب اليوم، والمفروض أن تُسهِم الدراما في صناعة رأي عام يُساند الدولة في تجاوز هذه التحديات، هاذ المنتِج صاحب فيلم الإخوان لو اجتهد وصنع فيلما مماثلا يكشف بؤس نظام الكابرانات في الجزائر أو يكشف جمهورية الوهم بالجنوب الجزائري أو يكشف من يُهدد الأمن المغربي من المرتزقة (كراضي الليلي والمومني وحجيب وغيرهم) أو يصنع فيلما عن دور بعض المرتزقة في استهداف الشاحنات المغربية في مالي وغيرها، أو يصنع فيلما عن تاريخ المغرب العظيم أو عن حواضرنا الفخمة (فاس، تارودانت، مراكش، الرباط،سلا …) لكان أفضل وأنفع.

فتح الباب أمام هذا النوع من الأفلام قد يبدأ هكذا وينتهي في إطار ما يؤمنون به بضرب مظاهر التلاحم بين الشعب وإمارة المؤمنين أو مظاهر الولاء وغيرها التي هي من صميم الإسلام والتي لا قيام للمغرب إلا بها.

اختيار توقيت نشره بالتزامن مع الأحداث الارهابية 16 ماي غير مُوفق، في الوقت الذي تُحاول فيه الدولة المغربية إنهاء هذا الملف وإغلاقه بشكل كلي والمتابع لخطوات جلالة الملك يلحظ ذلك، سيأتي من يُشوش على هذا العمل الكبير الذي قامت به الدولة، المغرب اليوم لا يحتاج لمعارك جانبية تُضعف سيره وتُشوش على أهدافه وتهاجم هويته وتصنع إحتقانا مجانياً.

الدول اليوم في العالم تبث في داخلها من وما يحفظ أمنها واستقرارها وتلاحمها .. لا من وما يُشتت شملها ويبث الخوف ويزرع الفتنة ويقلب الحقائق ويزوّر التاريخ.

والمؤسف حقاً أن الفيلم كان يُصور عند اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع اعتبار 15 مارس من كل عام يومًا لمكافحة “الإسلاموفوبيا” أو “رهاب الإسلام” وهو مصطلح يُعبّر عن حالة “الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام، كقوة سياسية تحديدًا، والتحامل والتمييز ضد المسلمين”، ويُعرّفه باحث مقارنة الأديان، السويدي ماتياس غارديل، بأنه “الإنتاج الاجتماعي للخوف والتحامل على الإسلام والمسلمين، بما في ذلك الأفعال الرامية لمهاجمة أو التمييز ضد أو عزل أشخاص بناءً على افتراضات ارتباطهم بالإسلام أو المسلمين”

نقطة أخرى، الوليدات الذين تم التضحية بهم لتمثيل أدوار هذا الفيلم لم يدرسوا لا سينما ولم يتخرجوا لا من معاهد تمثيل ولا من خشبات مسرح، وعندي يقين أنهم لا يُحيطون لا بتاريخ المغرب ولا بقيمته الحضارية ولا بالسياق الحالي ولا بالواقع، شباب بمستوى دراسي وثقافي محدود جداً، وحتى من ناحيةالابداع والانتاج على قد الحال .. بُسطاء جدا في كل شيء، غادي يسحاب ليهم دبا مثلوا فيلم أكشن وصنعوا الفُرجة وهم في الحقيقة بصموا بصمة سوداء في تاريخهم وَجب عليهم محوها بسرعة، فالتاريخ لا يرحم والمواقف تبقى مسجلة والدول وقوتها تصنعها العقول الناضجة لا هذه النماذج، ورحم علال الفاسي حين كان يقول: ((إن الإنسان المكوَّن من طرف الإستعمار يمكن أن يكون أخطر من الإستعمار نفسِه، على نفسه وبلاده).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى