آخر الآخبارمقالات

الوباء في زمن الأقزام…أول أيام الخوف

لسانكم :

بقلم سعيد عيسى المعزوزي،

اليوم الأول :

لقد كان اليوم الأول كمثل كوخين لقزمين جارين في بقعة كونية صغيرة، قزم فرح بما لديه ( أي بقية العالم ) و آخر يئن لجوع و مرض يشتكي مصابه لذويه و نفسه ( أي الصين ) ، أما أقزامنا فهي غير آبهة بما يجري و ما ستؤول إليه الأوضاع في ضل التعتيم و التنويم الإعلامي الذي كانت مدمنة عليه.

إلى أن حل الوباء، فتاب الله على بعضنا ، صانع المحتوى و المستهلك …

حيث كان أقزامنا منشغلون في كشف عورات باقي الأقزام، عبر مواقع التواصل الإجتماعي و أخواتها، حساب كذا يقول كذا و فلان قال عن فلان و هذا آخر ما صرحت به أخت الفنانة القزمة سليلة أقزام منقرضون و هلم جرا .

و ما أثار إنتباهنا و بشدة، هو أن اليوم الأول عند الشعوب و المجتمعات المصابة، كان أشبه بتلك الآية القرآنية و كأن يوما عندكم كان بمثابة ألف سنة مما يعد الآخرون، فقد كانت الصين تموت في اليوم ألف مرة و هي تصارع و تلامس صفاء السماء لإنقاد أبناء العملاق من الموت المحقق.

في هذه الفترة بالضبط ، أرفع سماعة هاتفي أتفقد أرقام المسؤوليين و المتخصصين ، أقول في سيرورتي ما جدوى هاته الأرقام إن لم تنفع اليوم ، و فور إتصالي لم أتواصل ، نعم فقد حذرت بلهجة التأكيد و حاولت الإستعطاف لإتخاد الحيطة و الحذر من يوم سيكون أشبه بيوم البعث خوفا .

و في خظم إتصالاتي ، و أنا أحاول الدفاع عن نفسي و من حولي ، قدرت تقديرا جديدا و فكرت مليا في إقناع المسؤولين بضرورة إحتضان رواد مواقع التواصل الإجتماعي ملاك الصفحات الكبرى ، و بعض الجمعيات الباحثة عن فرص الوجود و الحضور و بعض الصحفيين النشيطين بالجهة او المدينة ، و تخصيص يوم تشاوري تكويني تدريبي عن كيفية صناعة المحتوى في مرحلى الحرب الوبائية …

فكرة كانت أكبر من المسؤول نفسه ، هذه الفكرة و التي أعددت تفصيلها في مشروع مستعجل أهدف به خدمة نفسي و أسرتي و مجتمعي ، تقابل بعبارة :

  • تيقن أخي سعيد ، أنه كل شيء بخير و على خير ، و بعبارة العامة : ” الأمور مخيرة ” نحن نتواصل مع المجتمع المدني و اللجان و الهئيات الجهوية ، كلشي بخير كون هاني لن يصلنا الوباء إن شاء الله …
  • السي سعيد ، يعجبنا كثيرا منبركم ، ركزو على عملكم الله يوفقكم ، آه نسيت نقولك ، خد رقم السيد المسؤول عن الصحة بسلا تواصل معه ..السلام .

أقفل الخط ، تم اعود لسماعتي هاتفي ، لأتصل بالسيد إيكس ، ليؤكد بدوره أن هذه دروة تكوينية تواصلية و تستدعي موافقة الوزارة و ووووو هلم جرا من القرارات الإدارية التراتبية …

ثم أقف مذخولا مذعورا لما سمعت ، و لأن هاتفي يسجل كل صغيرة و كبيرة ، أعود إليه مرة أخرى محدثا نفسي ، هل أمرر التسجيل إلى زملائي الصحفيين ، هل أمرر التسجيل إلى وكالات صحفية دولية ، هل أسجل حلقة و أتذل بمظمون المكالمة …أسئلة شلت قراراتي الجريئة …

و يمر شهر بعد المكالمة المشؤومة ، ليحل الوباء في أرض العرب كتلة واحدة ، فيصاب الذي كفر بحقيقة الخبر و المشهد في بدايته بالصدمة، بل منا من اعتزل نفسه و راح يحدث بلغة بحال كورونا بحال إيبولا ، دابا يدوز…

في هذا الوقت، تأكدت أن المغرب ، سيتخد حزمة من القرارات الجريئة ، بل بدأت أحدث نفسي هل سيكون المغرب مضطر بعد المعافات من وباء كورونا إلى بناء عشرات السجون و مرافق الإعتقال و فضاءات القضاء لإجراء محاكمات ستكون تاريخية لكل من قصر في التعامل مع أخطر تهديد أصاب البشرية عموما و المغرب خصوصا.

إن استعمال تسمية الأقزام، لم تأتي من قبيل تحقير الإنسان أو المواطن المغربي أو العربي أو غيره من ساكنة هذا الكون ، بقدر ما أنها مجرد تشبيه للصورة التي أصبحنا نظهر عليها أمام الوباء الذي لم يأخد شكل القزم و مع ذلك تفوق قوة و فتكا بالكل.

كما أن التسمية، قد تكون محاولة مني إلى تصنيف شكلنا الحالي بسبب هذا الوباء، حيث طالما تشدق العمالقة بأنه قد أصبحوا أقدر على الفهم و التحكم بالطبيعة و ببيئة الكون، و وصف نفسي و الآخرين بالأقزام، هو أسهل وسيلة تعبيرية عن الواقع الذي أصبح يملئه سلوك بعضنا من خلال عيشه على أنقاض المجد الزائف مستعملا ركائز الخرافة لبناء الغد، و الغد لا يبنى بالخرايف أو الخبر الزائف .

كما أن وصف الدول العظمى بالعمالقة، قد يكون أشد وطئة و أكثر التعابير أو التسميات قسوة، لأن العملاق لا يرضى العيش تحت رحمة التوجس و التخوف و الرعب و الهلع من مخلوق قزّم وجوده و هيمنته ، مؤكدا أنه صنائعه فاقت قوة العمالقة سمعة و تدميرا .

كما أن أقزام دول المغرب العربي، ما فتئ جلهم أن يؤمنوا كتلة واحدة بأن الوباء موجود بينهم إذن فهو قادم لا محال له .

و لأن الوباء كما نزل كتلة واحدة، فإن رؤساء حكومات الأقزام الخائفة و المرعوبة استنت بسنة النزول بكل شيء كثلة واحدة، بل و في أقل من أسبوعين أطلقت كثلة من الخطابات المرتجلة منبهة إلى ضرورة إطلاق مبادرات وووووووو والكل يعرف ما وقع و لا يدرك ما سيقع .

و يرن هاتفي في صباح مبكر ، و أنا في قمة غضبتي فضلت عدم الإجابة لأنني علمت أن هناك طلب لنشر الأكاذيب ، فأقـفلت خاصية الجواب على الكل ، حيث حولت قبلة كتاباتي و محتوى منشوراتي إلى رسائل أمل و مقالات التشبت بمحبة الوطن و التضامن مع الغير و الهدوء في التعامل مع الوضع…

في هذا الوقت الذي سبقت و ذرت فيه من وقوع احداث إجتماعية شادة و خطيرة للغاية ، غاب عن ذهنية المجتمع أن له رب يحميها، و بما أننا لم نثق به أحيانا، فقد اتخدنا إجراءاتنا الشخصية، و بدأ المجتمع باكبر عمليات تخزين المؤن و استخراج المكنوزات بعد إقرار جماعي للفقر و الحاجة فيما مضى، بل يمكن القول أن هذا المجتمع طالما صمت آذاننا فيما مضى، بأنه فقير إلى الدولة محروم محتاج، إلى أن حل الوباء، ليفضح و يُسقط الأقنعة، حيث رفعت أغلبية الأقزام قدراتها التخزينية خارج كل مفاهيم الإيمان و الهدوء و التأني و التضامن و هو درس جديد تعلمناه مرة أخرى ، لقد كنا قاب قوسين او أذنى من كارثة إجتماعية وشيكة لولا تدخل أقوى جهاز يحمي الوطن مشكورا على مجهوداته …

إن نزول الوباء على رؤوس الأقزام ، درس سنستخرج منه عشرات الدروس التي يمكن استعمالها مستقبلا، إن كان لدينا فعلا ما يمكن تقديمه لبناء مغرب يحترمه العمالقة ، مغرب وطن خال من الأقزام .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى