آخر الآخبارمقالات

المعزوزي يكتب : العالم بعد كورونا ” الثورة العالمية الرابعة “…

لسانكم :

س ع المعزوزي

حينما أوجد الله سبحانه و تعالى الكون ، علّم الإنسان لينطلق محدثا ثورات غيّرت من شكل نمط الحياة فوق الأرض ، و قد مرت البشرية من ” ثورات ثلات ابتداء بالثورة الزراعية و التي فرض الإنسان نفسه فيها ليحقق غدائه و ليتعلم كيفية تدبيره و استثماره لمواردها.

ثم اشتغل مرة أخرى على إطلاق ثورة جديدة سميت بالثورة الصناعية ، و هي تلك التي صنعت العالم الحديث بكل موجوداته التقنية حيث تخلص من حضانة الأرض و قانون الجادبية متخليا عنها في اتجاه القمر و استكشاف ما وراء النجوم .

بعدها ، انتقل نفس العنصر إلى ثورة ذهنية جديدة سميت بالثورة المعرفية أو عصر العولمة و هو أمر أهل هذا الإنسان إلى المعرفة ألا محدودة مدركا و متقبلا حدوث تغيرات كونية آجلة لكن دون أن يستعد لها بقدر ما أنه كان يتقن معرفة الأشياء بل يحس بأن العالم في طريق تغيير جديد لكنه تغيير غامض المآل.

سنة 2020 ، كانت و ستكون منعطفا كبيرا يُلمح إلى إنطلاقة ثورة رابعة ، و هي ثورة الحضارة الآمنة أو التحضر النقي ، و بمعنى أدق أنه من لم توجد لديه معايير تحضر معينة سوف يسير إلى الزوال بسرعة شديدة .

و لأننا متفقون تعريفا أن الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، علما أن الحضارة تتألف من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون.

فإن الثورة الرابعة أو ثورة الحضارة ، ستكون ثورة كونية لن تقتصر على بلد دون آخر ، بقدر ما أنها ستنطبق على كل الأمم المتواجدة على كوكب الأرض، و لكي أكون دقيقا في تحليلي فإن معايير إستمارية الأمم سيفرضها نتاج الوضع الحالي و هو ما سيؤهل العالم إلى الإعلان على أنه على مشارف ثورة رابعة لن تزيح الثورة المعرفية و لكنها ستكون متممة لبعض مناحيها …

” كوفيد 19 ” ، لن يكون مجرد إسم أو حالة أو ذكرى ، و لكنه سيكون فكرة للحظة عاشها كل محضوض نجى من مخلفاتها بتبصر ، و لأن الفكرة تعيش مع الإنسان فسينتقل بها أينما حل و ارتحل، لأن منطق ” الفكرة المعلومة ” سيكون مفتاح الثورة الرابعة عبر مجموع تجارب عالمية كان سببها كوفيد 19 و ستكون مدخل ترميم حضارات و بناء أقطاب جديدة لم يشهدها العالم من قبل .

قيل لي في إحدى مقدمات المنشورات التي أكتبها كإشعار لنبض الأصدقاء قبل الشروع في كتابة تفاصيلها :

” السي سعيد لا تتسرع ” ، و لقد كانوا على حق في تجاوبهم…

و لكن حس الصحفي الباحث عن ذاته من خلال مرآت أحداث المجتمع، تجعله يقرأ الأحداث برواية المستقبل ليفسر أحداث حضارة ما في وقت ما ، حيث قد يكون تفسيرنا صائب و قد يكون غير ذلك و لله الكمال و كل صفات الجمال في كل وصف و مقال .

و لأنني مؤمن بما أملك أو ما أستيطع تقديمه على المستوى الفردي ، فإنني رأيت في عمق الأحداث المتسارعة ، أن المغرب على المستوى العام و في خضم انشغال العالم بتسمية المولود الجديد أو الثورة الجديدة ، قد يستطيع بما يملك قطع أشواط سريعة في الإنتقال من وضع إلى وضع ، و هو ما لامسته بشكل يومي و على مدار الساعة في تدخلات السلطة خلال تنفيذ أعمال رأت أنها الظرفية المناسبة للتنفيد …

لن يتخلى العالم عن الإرث الحقوقي، و لكن المغرب سيتعلم الدرس الأكبر في كيفية توفير السلة التظامنية و هو الدرع الذي يستعمله الآن ليضل محافضا متماسكا في بنيانه المجتمعي ، فبالرغم من بعض الشوائب و النواقص ، إلا و أن الجائحة فرصة تدريبية كونية تمر منها كل الأمم و كل يتعامل معها بإمكاناته الذاتية .

الثورة الرابعة ، ستكون ركح مواهب إبداعية مطلوبة و مبحوث عنها ، حيث قد يستغني المغرب عن صناعة المحتوى الذي أثبت فراغه في فترة الجائحة ،كما أن الميوعة لن تختفي و لكن لن يكون لها نفس الوزن كالسابق، كما أن سيد المشهد و نجم المجتمع سيكون من فئة المبدعين في صناع القوة الإقتراحية ، مفكرون يتزعمون المبادرات الصناعية و الإنتاجية ، و ستكون أكثر السلع طلبا من قبل المؤسسات و الدولة تلك المرتبطة بالفكر الإنتاجي و التطوير الذاتي و الخدمات عن بعد ذات جودة عالية بتوظيف التقنية، كل هذا لأن العالم سيكون في توجس دائم من التجربة الحالية ، مستعد لأي حرب بيولوجية مقبلة قد تكون أكثر فتكا و تهديدا لحياة الحياة .

ستفقد دول معينة نفودها إقليميا، و بشكل تدريجي ، لأن العالم كما قلت سابقا سيكون منشغل ببناء تحالفات و أقطاب جديدة ، و ستكون الثورة الرابعة مدخلا لإعلان حظارات تقدم نفسها كحظارات تكتفي ذاتيا بما تملك و ليس بما تستهلك .

كل هذه الأشياء ، تعطينا الأمل و التفاؤل، على أن المغرب سيحقق مدخلا جديدا بالرغم من أن كلمة ” لا تتسرع في التحليل ” تجعلنا نركن أكثر إلى التربص بالأحداث و إعادة ترتيب توقعاتنا من جديد ، و لكن قرائتنا لنبرات المجتمع ، أحاسيس الجوار و عبارات المارة تجزم بأن المغرب لن يكون على طبيعته السابقة .

في هذا الوقت الذي كنت أكتب فيه هذا التحليل، كانت دول أخرى تقدم المغرب كخليل الوباء ، هذا المعطى في حد ذاته قد يحمل المغرب للخروج من عباءة الصداقة مع بلدان كان يجتمع معها تحت رداء الشراكة في المصير أو الأخوة فيما مضى .

العالم ما بعد كرونا،

مما لا شك فيه أن العالم قد يعلن قيام الثورة الرابعة بكل تأكيد ، كما أن النظام الرأسمالي لن يختفي لأنه لا يوجد أي بديل عنه حاليا، و لكن نظاما جديدا سيوازي هذا النظام دون شك، هذا النظام الذي سيرسمه مشروع ” الحياة عن بعد ”  ” التعايش عبر مسافة الأمان ” .

و لأن سؤال المرحلة يفرض نفسه ، ماذا يمكن أن نفعل كأفراد شهدوا على هذا التغيير العالمي الغامض في مآله !

فإنني و من موقعي الشخصي ، أفضل أن نحجز موقعنا الآن و قبل فوات الأوان في مشروع خدمة الإنسان عن بعد و توظيف التقنية و تأهيلها ، لأن تجربة العالم في فترة الحجر الصحي العالمي ، جعلت الدول و الحكومات إلى تعزيز خدمة المواطن عن بعد و هو ما يمكن أن نستثمر فيه في قابل السنوات .

و قد تأتي رياح الثورة العالمية الرابعة أو الجديدة ، بمظامين استباقية تم التحضير لها مسبقا ، مما قد يصعب علينا الإنخراط عند أوانها .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى